Monday, 20 June 2011

شرح أصول السنة للإمام أحمد للأخت أم أبي التراب .

شرح أصول السنة للإمام أحمد



شرح


أُصُولُ السُّنَّةِ

لِلْإِمَامِ
أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حَنْبَلٍ


* * * * *
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بسم الله الرحمن الرحيم

إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ، وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّـه

مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّـهُ

فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ.

وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّـهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ.

وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللَّـهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ.

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّـهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ

إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ

[آل عِمْرَان:١٠٢].


﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ

وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً

وَاتَّقُوا اللَّـهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّـهَ كَانَ

عَلَيْكُمْ رَقِيبًا

[النِّسَاء:١].


﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّـهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا *

يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّـهَ

وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا

[الْأَحْزَاب:٧٠-٧١].


أَمَّا بَعْدُ:

فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّـهِ، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ

مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّـهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا،

وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.


ثم أَمَّا بَعْدُ:

إن خير ما أنفق فيه الإنسان عمره، وأوقاته وأنفاسه طلب العلم وتعلم العلم
وتعليمه، الذي هو من أفضل العبادات وأجل القربات
فإن الاشتغال بالعلم النافع المستمد من كتاب الله عز وجل

وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم والعمل بهذا العلم هو

سبيل الفلاح وسبب السعادة في الدنيا والآخرة لأن هذا

العلم هو ميراث النبوة الذي من أخذ به أخذ بحظ وافر

ولأن العمل بهذا العلم مبني على جادة قويمة

وصراط مستقيم
، لذا نقدم قبسة من قبسات العلم ،

ونظرًا لأهمية دراسة العقيدة

فأهمية دراسة العقيدة

تتبين من وجهين:

الوجه الأول: أنها جزء من الدين , وبالتالي فكل النصوص


الآمرة بأخذ الدين وتعلمه تتناول مسائل العقيدة بالأولوية.

الوجه الثاني: أنها أصل في أعمال الجوارح , بمعنى أن صلاح العقيدة يورث صلاح العمل والعكس بالعكس , وقد ضرب الله مثلا لذلك بأهل الكتاب حين قال: {ألم تر الى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب , يدعون الى كتاب الله ليحكم بينهم ثم يتولى فريق منهم وهم معرضون , ذلك بأنهم قالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودات وغرهم في دينهم ما كانوا يفترون} [آل عمران24- 23] فالله -عز وجل- جعل افتراءهم في الدين , وفساد اعتقادهم... سببا لفساد أعمالهم وأصلا لإعراضهم.


لا بد لطالب العلم أن يستشعر هذا الأمر وأنه في عبادة، وعليه أن يخلص لله -عز وجل- في عبادته، فإذا كان تعلم العلم وتعليمه من العبادات العظيمة، فعلى أهل العلم أن يخلصوا أعمالهم لله -عز وجل- لأن العبادة لا تصح ولا تكون نافعة، ولا مقبولة عند الله، حتى يتحقق فيها: الإخلاص لله، والمتابعة لنبيه صلى الله عليه وسلم،

والمؤمنين الذين أنعم الله عليهم بالعلم والعمل لهم أربع مراتب: المرتبة الأولى: مرتبة الأنبياء، والمرتبة الثانية: مرتبة الصديقين، والمرتبة الثالثة: مرتبة الشهداء، والمرتبة الرابعة: مرتبة الصالحين، قال الله تعالى في كتابه العظيم: " وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا "

إذًا على طالب العلم أن يجاهد نفسه، حتى يكون تعلمه على أهل العلم، كل واحد عليه أن يجاهد نفسه، في تعلمه وتعليمه، حتى يكون يريد بذلك وجه الله والدار الآخرة لا رياء ولا سمعة، والنية هي أساس العمل، وإصلاح النية من أصعب الأمور، قيل للإمام أحمد: كيف ينوي في طلبه العلم؟ قال: ينوي رفع الجهل عن نفسه، ورفع الجهل عن غيره، ينوي به ذلك؛ يعني لا يريد الدنيا ولا المال ولا المناصب ولا الجاه، ولا الشهرة، ولا الوظيفة، وإنما ينوي رفع الجهل عن نفسه وعن غيره، يتعلم
العلم لله

فلا بد لطالب العلم، لأهل العلم أن يستشعر -طالب العلم والمتعلم والمعلم- أن يستشعر العبادة يستشعر هذه العبادة العظيمة، وأنه في عبادة من أجل العبادات وأشرف القربات التي يتقرب بها إلى الله عز وجل

ونسأل الله أن يرزقنا وإياكم العلم النافع والعمل الصالح، ونسأله أن يوفقنا للعمل الصالح الذي يرضيه، ونسأله سبحانه وتعالى أن يصلح قلوبنا وأعمالنا ونياتنا، ونسأله أن يعيذنا من الرياء والسمعة، وأن يوفقنا للعمل الصالح الذي يرضيه، وأن يثبتنا على دينه القويم، إنه ولي ذلك والقادر عليه، وصلى الله وسلم وبارك على عبد الله ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

لذا نقدم درة من درر العقيدة ،وهي
شرح
أُصُولُ السُّنَّةِ
لِلْإِمَامِ
أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حَنْبَلٍ


وقد قام بشرح هذا المتن كثير من العلماء حفظهم الله ،
وعملنا إن شاء الله ،الالتزام بمتن الرسالة
، ثم نتخير قطوف من شروح العلماء ، وكتب السنن



رابط تحميل المتن

و رابط
فالإمام أحمد رحمه الله في هذه الرسالة يقرر مذهب أهل السنة والجماعة، ويبين مذهب أهل البدع، وأنهم مخالفون لمذهب أهل السنة والجماعة، ومعروف أن الإمام أحمد هو إمام أهل السنة والجماعة، كما هو معروف لدى الجميع، وقد امتحن في مسألة القول بخلق القرآن فثبته الله، ثبته الله وصبر على الأذى والسجن والضرب، حتى نصره الله، والله تعالى كما قال بعض العلماء: إن الله تعالى حفظ الإسلام بأبي بكر الصديق يوم الردة، وحفظ الإسلام بالإمام أحمد يوم المحنة،





ترجمة للإمام أحمد بن حنبل رحمه الله

يؤيد الله عز وجل لأمة الإسلام في كل حقبة من الزمن من يقودها إلى الحق، فرغم شدة المحنة، وألم العذاب، كان القرار الجريء من الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله بالثبات على الحق في محنة خلق القرآن، هذه المحنة التي عصفت بالأمة في تلك الحقبة من تاريخنا.


اسمه ونسبه


أحمـد بـن محمـد بـن حنبـل الذهلـي الشـيباني ـ أبـو عبـد الله .
ولـد سـنة 164 هـ ، وتوفـي ببغـداد سـنة 241 هـ .
ويمتـد نسـبه حتى يلاقـي فيـه نسـب رسـول الله ـ صلى


الله عليه وعلى آله وسلم ـ فـي نـزار ، لأن نـزارًا كـان لـه أربعـة أولاد ،
منهـم مُضَـر ، ونبينـا ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ
مـن ولـده ومنهـم ربيعـة وإمامنـا أبـو عبـد الله أحمـد من ولـده . والإمـام


أحمـد عربـي صحيـح النسـب ، حملـت به أمـه بـ مـرو ، وقَدِمَـتْ بغـداد وهـي


حامـل بـه فولدتـه فـي شـهر ربيـع الأول سـنة أربـع وسـتين ومائـة .

وكـان أبـوه "محمـد" والـي سـرخـس ، وكـان مـن أبنـاء الدعـوة العباسـية ،


وتوفـي ـ أي : والـد الإمـام أحمـد ـ ولـه ثلاثـون سـنة ، وكانـت

وفاتـه فـي سـنة تسـع وسـبعين ومائـة .

من أعلام السلف/ للشيخ أحمد فريد / ج : 2 / ص : 220 .


صفتــه ـ رحمه الله ـ :
-------------
قـال ابـن ذريـح العكبـري :
طلبـت أحمـد بـن حنبـل فسـلمتُ عليـه ، وكـان شـيخنا مخضوبًـا طـوالاً أسـمر شـديد السـمرة .
وعـن محمـد بـن عبـاس النحـوي قـال : رأيـت أحمـد بـن حنبـل حسـن الوجـه ، ربعـه ، يخضـب بالحنـاء خضابًـا ليـس بالقانـي ، فـي لحيتـه شـعرات سـود ، ورأيـت ثيابـه غلاظًـا بيضـًا ، ورأيتـه معتمًّـا وعليـه إزار .
( تهذيـب الكمـال للحافـظ المـزي . وسير أعلام النبلاء ) .
من أعلام السلف / ج : 2 / ص : 221
طلبــه للعلــم :
----------
كانـت لوائح النجابـة تظهـر منـه زمـن الصبـا ، وكـان حفظـه للعلـم مـن ذلـك الزمـان غزيـرًا ، وعلمـه بـه متوافـرًا ، وربمـا كـان يريـد البكـور في الحديـث فتأخـذ أمـه بثيابـه فتقـول : حتـى يُـؤَذِّن النـاس ، أو حتـى يصبحـوا .
وطلـب الحديـث وهـو ابـن سـت عشـرة سـنة .
وسـافر فـي طلـب العلـم أسـفارًا كثيـرة إلى البـلاد ، الكوفـة ، والبصـرة ، والحجـاز ، ومكـة ، والمدينـة واليمـن والشـام ، والثغـور ، والسـواحل ، والمغـرب ، والجزائـر ، والفراتيـن جميعـًا ، وأرض فـارس ، وخراسـان ، ..... .
ثـم رجـع إلـى بغـداد وسـاد أهـل عصـره ، ونصـر الله بـه دينـه .
قـال يحيـى ـ بـن معيـن ـ : خرجنـا إلـى " عبـد الـرزاق " إلـى اليمــن حججنـا ، فبينـا أنـا بالطـواف إذا " بعبـد الـرزاق " فـي الطـواف ، فسـلمت عليـه ، وقلــت لـه : هـذا " أحمـد بـن حنبـل " . فقـال : حيـاه الله ، وثبتـه فإنـه بلغنـي عنـه كـل جميـل .
فقلـتُ لأحمـد : قـد قَـرَّبَ اللهُ خُطانـا ، وَوُفِّـرَتْ علينـا النفقـة ، وأراحنـا مـن مسـيرة شـهر .
فقـال : إنـي نويـت ببغـداد أن أسـمع عنـه بصنعـاء ، والله لا غيـرت نيتـي ، فخرجنـا إلـى صنعـاء فنفـدت نفقتـه ، فعـرض علينـا عبـد الـرزاق دراهـم كثيـرة ، فلـم يقبلهـا ، فقـال : ـ أي عبـد الـرزاق ـ علـى وجـه القــرض . فأبـى ، وعرضنـا عليـه نفقاتنـا ، فلـم يقبـل . فاطلعنــا عليـه وإذا هـو بـه يعمـل التـك (1) ، ويفطـر علـى ثمنهـا . واحتـاج مـرة فأكـرى (2) نفسـه للجماليـن .

( 1 ) كـذا ، ولـم يصـرح بمعنـاه . ( حاشية : من أعلام السلف / ج : 2 / ص : 223 ) .
( 2 ) أكرى نفسه ... : أي عمل أجير عندهم .

* وقـال أحمـد الدورقـي : لمـا قـدم " أحمـد بـن حنبــل " مـن عنـد " عبـد الـرزاق " رأيـتُ بـه شـحوبًا بمكـة ، وقـد تبيـن عليـه النصـب والتعـب ، فكلمتـه فقـال : هيـن فيمـا اسـتفدناه مـن عبـد الـرزاق .
( سير أعلام النبلاء ) .
* وكـان مـن أصحـاب الإمـام الشـافعي وخواصـه ، وكـان الشـافعي يُجلـه ويثنـي عليـه .
قـال حرملـة : سـمعت الشافعي يقــول عنـد قدومــه إلـى مصــر مـن العـراق : مـا خلفـت بالعـراق أحـدًا يشـبه أحمـد بـن حنبـل .
* وحـج خمـس حجـات ، ثـلاث حجـج ماشـيًا ، واثنتيـن راكبًـا .
من أعلام السلف / ج : 2 / ص : 222 .

آدابـه وأخلاقــه :
-----------
* عـن أبـي داود السـجسـتاني قـال : لـم يكـن " أحمـد بـن حنبـل " يخـوض فـي شـيء ممـا يخـوض فيـه النـاس مـن أمـر الدنيـا ، فإذا ذُكـر العلـم تكلـم . وقـال مجالسـة " أحمـد بـن حنبـل " مجالسـة الآخـرة ، لا يذكـر فيهـا شـيء مـن أمـر الدنيـا .
وعن أبـي بكـر المطوعـي قـال : اختلفـت إلى أبـي عبـد الله أحمـد بن حنبـل اثنـى عشـرة سـنة وهـو يقـرأ المسـند علـى أولاده ، فمـا كتبـتُ منـه حديثًـا واحـدًا ، وإنمـا كنـت أنظـر إلـى هديـه وأخلاقـه وآدابـه .
من أعلام السلف / ج : 2 / ص : 232 .

شـــيوخه :
--------
قـال الخطيـب فـي تاريـخ بغـداد :
سـمع مـن إسـماعيل بـن عُلَّيـة ، وَهُشَـيْم بـن بشـير ، ووكيـع بـن الجـراح ، ..... وخلـق سـوى هـؤلاء يطـول ذكرهـم .
وذكـر المِـزِّي فـي تهذيبـه مائـة وأربعـة مـن شـيوخه .
من أعلام السلف / ج : 2 / ص : 245 .

تلامذتـــه :
--------

قـال الخطيـب :
وروى عنـه غيـر واحـد مـن شـيوخه ، وحـدَّثَ عنـه ابنـاه :
" صالـح " و " عبـد الله " ، وابـن عمـه " حنبـل بـن إسـحاق " .
وقـد ذكـر المـزي أيضًـا فـي تهذيبــه ثمانيـة وثمانيـن مـن تلامذتــه ، وفيهـم جملـة مـن شـيوخه
منهـم محمـد بـن إدريـس الشـافعي ، ووكيـع بـن الجـراح ، ويحيـى بـن آدم ،
ويزيـد بـن هـارون .
ومن أقرانـه : علي بـن المدينـي ، ويحيـى بن معيـن ، ودحيـم الشـامي ، وأحمـد بـن صالـح المصـري .
من أعلام السلف / ج : 2 / ص : 246 .

محنــة الإمــام أحمــد :
عرضـت عليـه الدنيـا فأباهـا ، والبدعـة فنفاهـا .
فقـد تعـرض الإمـام للفتنـة من أربعـة مـن الخلفـاء ، وهـم المأمـون ، والمعتصـم ، والواثـق ، والمتوكـل .
وقد كانـت الأمـة قبـل ذلـك ترتفـع فيهـا رايـة السـنة إلى عهـد الخليفـة " هـارون الرشـيد " ـ رحمه الله ـ ، فكـان أهـل البـدع يسـتخفون ببدعتهـم ، ولا يجهـرون بباطلهـم .
ولمـا ولـيَ المأمـون أبـو جعفـر بـن هـارون الرشـيد ، وكانـت ولايتـه فـي المحـرم وقيـل فـي رجـب سـنة ثمـان وتسـعين ومائـة ، صـار إليه قـوم مـن المعتزلـة وأزاغـوه عـن طريـق الحـق إلـى الباطـل ، وحسـنوا لـه قبيـح القـول بخلـق القـرآن ونفـي صفـة الكـلام عـن الله .
فالمعتزلـة رفضـوا الإيمـان بصفـة الكـلام لاعتقادهـم التشـبيه وقيـاس الله على خلقـه فـي الحكـم ، فكذبـوا بالآيـات التـي تـدل على ثبـوت الصفـة لله ، فقالـوا : " لا يتكلـم ولا يكلـم " . تعالـى الله عـن قولهـم علـوًّا كبيـرًا .
وحـاول المأمـون أن يجبـر العلمـاء والقضـاة على القـول بمذهبـه ، فأجابـه أكثرهـم تقيـة ، وقتـل من قتـل فـي المحنـة ، ووقـف الإمـام أحمـد كأنه جبـل شـامخ تكسـرت عليه المحـن وانهزمـت على قدميـه الفتـن .
ولمـا هلــك " المأمـون " تبعــه " المعتصـم " فجلــد الإمــام وحبسـه ثمانيـة وعشـرين شـهرًا علـى أن يليـن . فثبـت علـى الحـق حتـى هلـك " المعتصـم " ، ومـن بعـده " الواثـق " .
ثـم أشـرقت عليـه خلافـة " المتوكـل " ، وكـان مـن أهـل السـنة ، فَرُفِعَـتْ أعـلام السـنة ونُكسـت أعـلام البدعـة ، وأهلـك الله عـز وجـل كـل مـن شـارك فـي المحنـة .
ولكـن الإمـام أحمـد لـم يَسْـلَم فـي زمـن " المتوكـل " مـن الفتنـة ولكنهـا فتنـة مـن نـوع جديـد ، إنهـا فتنـة الدنيـا ، فتنـة المـال والجـاه والدخـول علـى السـلطان .
فقـد حـاول " المتوكـل " أن يغـدق علـى الإمـام الأمـوال ، ولكـن إمامنـا وعالمنـا لـم ترهبـه السـياط والتعذيـب ، ولـم يجذبـه بريـق المـال والسـلطان .
فقـال الإمـام ـ رحمه الله ـ : أسـلم مـن هـؤلاء سـتين سـنة ثـم ابتلـى بهـم ، فما قبـل مـن ذلـك شـيئًا ،
وعـاش بقيـة عمـره زاهـدًا فـي الدنيـا راغبـًا فـي الآخـرة ، فازداد ارتفاعـًا فـي قلـوب الخلـق ... .
من أعلام السلف / ج : 2 / ص : 218 / بتصرف .

وصـايــا الصالحيـــن :
----------------
من أسـباب الثبـات الدعـاء بأن يقيـض الله للمـرء رجـلاً صالحـًا يعظـه فيثبتـه الله وينفعـه بتلـك الكلمـات ، فتنبنـي نفسـه ، وتُسـدَّد خطـاه يـوم يتعـرض لفتنـة أو بـلاء مـن ربـه ليمحصـه بـه .
هـا هـو الإمـام أحمـد ـ رحمه الله ـ يسـاق إلـى المأمـون مقيـدًا بالأغـلال ، وقـد توعـده وعيـدًا شـديدًا قبـل أن يصـل إليـه حتـى قـال خادمـه : يعـز علـيَّ يـا أبـا عبـد الله أن المأمـون قـد سـلَّ سـيفًا لـم يسـلَّه قبـل ذلـك ، وأنـه أقسـم بقرابتـه (1) مـن رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ لئـن لـم تجبـه ليقتلنـك بذلـك السـيف . وهنـا يأتـي الصالحـون ، أهـل البصيـرة لينتهـزوا الفرصـة ليلقـوا بالوصايـا التـي تثبـت فـي المواقـف الحرجـة . ففـي السِّـيَرِ ( 11 / 241 ) :
أن أبـا جعفـر الأنبـاري قــال : لمـا حُمـل الإمـام أحمـد إلـى المأمـون أُخبـرتُ ، فعبـرتُ الفــرات ، وجئتَـهُ ، فسـلمتُ عليـه ، وقلـتُ : يـا إمـام أنـت اليـوم رأس ، والنـاس يقتـدون بـك ؛ فـوالله لئـن أجبـت إلـى خلـق القـرآن ليجيبـنَّ خلـق كثيـر ، وإن لـم تجـب ليمتنعـن خلـق كثيـر ، ومـع هـذا فـإن الرجـل إن لـم يقتلـك فإنـك تمـوت ، لابـد مـن المـوت فاتـق الله ولا تجبـه .
والإمـام أحمـد في سـياق رحلتـه إلى المأمـون يقـول : وصلنـا إلـى رحبـة (2) ، ورحلنـا منهـا في جـوف الليـل ، قـال : فعـرض لنـا رجــل ، فقـال : أيكـم أحمـد بـن حنبـل ؟ فقيــل هـذا . فقـال : يـا هـذا مـاعليـك أن تُقْتَـل هـا هنـا وتدخـل الجنـة . ثـم قـال : أسـتودعك الله ، ومضـى .
وأعرابـي يعترضـه ، ويقـول : يـا هـذا إنـك وافـد النـاس فـلا تكـن شـؤمًا عليهـم ، إنـك رأس النـاس فإيـاك أن تجيبهـم إلـى مـا يدعونـك إليـه ؛ فيجيبـوا فتحمـل أوزارهـم يـوم القيامـة ، إن كنـت تحـب الله فاصبـر ، فـوالله مـا بينـك وبيـن الجنـة إلا أن تُقتـل .
ويقـول الإمـام أحمـد : مـا سـمعت كلمـة مُـذ وقعـت في هـذا الأمـر أقـوى من كلمـة أعرابـي كلمنـي بهـا في " طـوق " ، قـال : يا أحمـد إن يقتلـك الحـق مـت شـهيدًا ، وإن عشـت عشـت حميـدًا فقـوَّى بها قلبـي .

( 1 ) لا يجـوز القسـم إلا بالله أو بصفاتـه سـبحانه فقـط .
( 2 ) رحبـة : تقـع بيـن الرقـة وبغـداد علـى شـاطئ الفـرات .
( حاشية : عوامل بناء النفس / ص : 55 ) .

فـإن أردت بنـاء نفسـك أخـي الكريـم ـ فاحـرص علـى طلـب الوصيـة مـن الصالحيـن ، اعقلهـا إذا تُلِيَـت عليـك ، اطلبهـا قبـل سـفر إذا خشـيت ممـا يقـع فيـه ـ مـن المعاصـي ..... ، اطلبهـا أثنـاء ابتــلاء ، أو قبـل حـدوث محنـة متوقعـة ، اطلبهـا إذا عُيِّنْـتَ فـي منصـب صَغُـرَ أو كَبُـرَ ، أو ورثـت مـالاً وصـرت ذا غنـى ، اطلبهـا فـي الشـدة والرخـاء والعسـر واليسـر لتنبنـي نفسـك ـ علـى الحـق ـ وينبنـي بهـا غيـرك والله ولـي المؤمنيـن .
عوامل بناء النفس / علي القرني / ص : 55 .

مرضــه ووفاتــه :
------------
قـال صالـح ـ ابـن الإمـام أحمـد ـ لمـا كـان فـي أول
يـوم مـن ربيـع أول مـن سـنة أحـدى وأربعيـن ومائتيـن
حُـمَّ أبـي ليلـة الأربعـاء . وكنـت قـد عرفـت علتـه ،
وكنـت أمرضـه إذا اعتـل ، فقلـتُ لـه : يـا أبـةِ علـى
مـا أفطـرت البارحـة ؟ .قـال :علـى مـاء باقـلاء .
ووصـف لـه فـي علتـه قرعـة تشـوى ويسـقى
ماؤهـا ، فلمـا جـاءوا بالقرعـة قـال يـا صالـح .
فقلـت لبيـك قـال : لا تشـوي في منزلـك ، ولا فـي منـزل
أخيـك . وذلـك لأنه نهـى وَلَدَيْـه ( صالـح ، وعبـد الله ) وعمـه ،
عـن أخـذ العطـاء مـن مـال الخليفـة ، فاعتـذروا بالحاجـة ،
فهجرهـم شـهرًا لأخـذ العطـاء . ورفـض أن يسـتخدم
فـرن ولديـه لأجـل هـذا .
ـ وصـار الفتـح بـن سـهل إلـى البـاب ليعـوده فحجبـه ،
وأتـى ابـن علـي بـن الجعـد وكثـر النـاس ،
فقـال : أي شـيء تـرى ؟ .
قلـت : تـأذن لهـم ، فيدعـون لـك .
قـال : اسـتخير الله .
فجعلـوا يدخلــون عليـه أفواجـًا حتـى تمتلـئ الــدار ،
فيسـألونه ويدعـون لـه ، ثـم يخرجـون ، ويدخـل فـوج
آخـر ، وكثــر النـاس فامتـلأ الشـارع ،
وأغلقنــا بـاب الزُّقـاق ، وجـاء رجــل مـن
جيراننـا قـد خضـب فقـال أبـي : إنـي لأرى الرجـل
يُحْيِـي شـيئًا مـن السـنة فأفـرح بـه .
ولـم يئـن إلا فـي الليلـة التـي توفـي فيهـا ،
ولـم يــزل يصلـي قائمًـا ،أمسـكه فيركـع ويسـجد ،
وأرفعـه فـي ركوعـه .
واجتمعـت عليـه أوجـاع الْحُصْـر وغيـر ذلـك ،
ولـم يـزل عقلـه ثابتًـا .
قـال البخـاري : مـرض أحمـد بـن حنبـل لليلتيـن
خلتـا مـن ربيـع أول ، ومـات يـوم الجمعـة لاثنتـي
عشـرة خلـت مـن ربيـع الأول .
وفتـح النـاس أبـواب المنـازل فـي الشـوارع والـدروب
ينـادون مـن أراد الوضـوء ـ للصـلاة عليـه ـ ، وصلـى
عليـه جمـوع كبيـرة مـن الخلـق . وشـيعه جمـوع
ـ قـال أبـو بكـر الخـلال :
سـمعت عبـد الوهـاب الـوراق يقـول : مـا بلغنـا
أن جمعًـا فـي الجاهليـة والإسـلام مثلـه .
من أعلام السلف / ج : 2 / ص : 230 ، 253 / بتصرف .
******************
وقـد كـان أحمـد ـ رحمه الله ـ محنـة فـي زمانـه وبعـد
زمانـه حتـى صـار الرجـل يعـرف هـل هـو مـن أهـل
السـنة أو مـن أهـل البـدع بحبـه لأحمـد
أو بغضـه لأحمـد ـ رحمه الله تعالى ـ .

وليـس معنـاه أبـدًا أن أحمـد بـن حنبـل ـ رحمه
الله ـ معصـوم ،فـلا أبـو بكـر معصـوم ولا غيرهـم مـن
أهـل هـذه الأمـة معصـوم ...
فـلا عصمـة لأحـد فـي هـذه الأمـة بعـد رسـول
الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ .



فهـذه أصـول أهـل السـنة والجماعـة لإمـام
أهـل السـنة ، أحمـد بـن حنبـل ـ رحمه الله ـ .

وهـي قواعـد ينبغـي علـى كـل مـن يطالعهـا أن يعـض
عليهـا بالنواجـذ ، فهـي سـبيل الهدايـة والنجـاة
والسـعادة فـي الداريـن .

ذلـك لأنهـا عقيـدة سـلف الأمـة " رضي الله
عنهم " ولـن يصلـح آخـر الأمـة إلا بمـا صلـح بـه أولهـا ...

{ فَـإِنْ ءَامَنُـواْ بِمِثْـلِ مَـا ءَامَنتُـم بِـهِ فَقَـدِ اهْتَـدَواْ
وَّإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا هُـمْ فِـي شِقَاقٍ فَسَـيَكْفِيكَهُمُ اللهُ
وَهُـوَ السَّـمِيعُ الْعَلِيـمُ } . سورة البقرة / آية : 137 .

قـال محققـوا هـذه النسـخة :
وهـي عبـارة عـن مخطوطـة نسـخها
شـيخ الحديـث فـي عصرنـا العلاّمـة الشـيخ / الألبانـي
جـزاه الله خيـرًا ، ولـه عليهـا بعـض التحقيقـات


قـال بعدهـا " أعنـي محققـوا هـذه النسـخة " :

[ ولـم أرهـا طبعـت مفـردة مـن قبـل بـل طبعـت
ضمـن طبقـات الحنابلـة ] .



[ ولـم أرهـا طبعـت مفـردة مـن قبـل بـل طبعـت
ضمـن مجلـد واحـد / صفحـة مائتيـن وواحـد وأربعيـن ،
للقاضـي أبـي يعلـي الحنبلـي ]
وهـي كذلـك ضمـن كتـاب :

[ " شـرح أصـول اعتقـاد أهـل السـنة " " اللالكائي-رحمه الله -
المجلـد الأول / صفحـة سـتة وخمسـين ومائـة ] .

هـذا غيـر مـا ذكـر منهـا متنائـرًا فـي بطـون كتـب العقائـد
علـى سبيل المثـال :

[ نقـل شـيخ الإسـلام " ابـن تيميـة " عنهـا فـي
منهـاج السـنة -جـزء واحـد / صفحـة خمـس مائـة
وتسـع وعشـرون محتجًـا بهـا ] .

ومثـل هـذه التقدمـة المـراد منهـا :

1 ـ معرفـة أهـل هـذه الرسـالة .

2 ـ متـى خرجـت إلـى عالـم المطبوعـات .

3 ـ متـى طبعـت مفـردة .

4 ـ كيـف كانـت قبـل ذلـك .

5 ـ ذكـر احتجـاج شـيخ الإسـلام " ابـن تيميـة "
بهـا فـي كتابـه ( منهـاج السـنة ) علـى سـبيل
المثـال ممـا يؤكـد صحـة نسـبتها إلـى
الإمام " أحمـد " ـ رحمه الله تعالى ـ .
******************

سند الرسالة
قَالَ اَلشَّيْخُ اَلْإِمَامُ أَبُو اَلْمُظَفَّرِ عَبْدُ اَلْمَلِكِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الهَمْدَانِيُّ: حَدَّثَنَا اَلشَّيْخُ أَبُو عَبْدِ اَللَّهِ يَحْيَى بْنُ أَبِي اَلْحَسَنِ بْنِ اَلْبَنَّا، قَالَ: أَخْبَرَنَا وَالِدِِي أَبُو عَلِيٍّ اَلْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ اَلْبَنَّا، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو اَلْحُسَيْنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ بِشْرَانَ اَلْمُعَدَّلُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ اَلسَّمَّاكِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ اَلْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ اَلْوَهَّابِ بْنِ أَبِي اَلْعَنْبَرِ قِرَاءَةً عَلَيْهِ مِنْ كِتَابِهِ فِي شَهْرِ رَبِيعٍ اَلْأَوَّلِ مِنْ سَنَةِ ثَلَاثٍ وَتِسْعِينَ وَمِائَتَيْنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ اَلْمِنْقَرِيُّ اَلْبَصْرِيُّ بِتِنِّيسَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُوسُ بْنُ مَالِكٍ اَلْعَطَّارُ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اَللَّهِ أَحْمَدَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ حَنْبَلٍ يَقُولُ أُصُولُ اَلسُّنَّةِ عِنْدَنَا:....
الشرح :
عرضنا إسناد الرسالة من باب إحياء سنة الإسناد
فـإن " الإسـناد " مـن خصائـص هـذه الأمـة ، فـإن هـذه
الأمـة ( أمـة الإسـناد ) .
وهـي خصيصـة لهـا دون باقـي الأمـم السـابقة ،
فلـم يعـرف لأمـة مـن الأمـم التـي تقدمـت ، لـم يُعـرف
لهـم نقـل بالأسـانيد .
وإن بقيـت الأسـانيد فـي عصرنـا وبعـد عصرنـا
إن شـاء الله علـى سـبيل بقـاء الخصيصـة فـإن هـذا أمـر
مطلـوب وإن كـان لا يؤثـر فـي صحـة كثيـر مـن المنقـول
بهـذه الأسـانيد .
فمثـلاً هنـاك مـن يـروي الكتـب السـتة بالأسـانيد
مـن عصرنـا هـذا إلـى النبـي ـ صلى الله عليه
وسلم ـ لكـن هـذا لا يتوقـف عليـه ( صحـةٌ )
أو ( ضعـفٌ ) وخاصـة فـي هـذه الكتـب المشـهورة
أو فـي تلـك الأحاديـث المعروفـة .
والمـراد علـى كـل حـال :
أن بقـاء الإسـناد مطلـوب وأنـه مـن خصائـص هـذه الأمـة
الخاتمـة وهـو مـن أصـول الحـق . فالإسـناد مـن الديـن .
( ولـولا الإسـناد لقـال مـن شـاء مـا شـاء ) .
ولكـن حقيقـة هـذه الأسـانيد التـي يُـروى بهـا الكتـب مهمـة
لأنـه يتوقـف عليهـا صحـة النسـبة أو عـدم صحتهـا .
وكـم مـن كتـاب مشـهور عنـد النـاس لا تصـح نسـبته
إلـى مُصَنفـه ، ومـن أشـهر الأمثلـة علـى ذلـك :
( كتـاب الأحـــلام ) المنسـوب ( لابـن ســيرين ) ـ
رحمه الله ـ .
فالكتـاب مشـهور جـدًا عنـد كثيـر مـن المسـلمين حتـى العـوام
يقولـون " كتـاب الأحـلام " لابـن سـيرين .
والكتـاب لا تصـح نسـبته للإمـام محمـد بـن سـيرين إمـام
التابعيـن ـ رحمه الله تعالى ـ . وإن كـان الكتـاب متخصصًـا
فـي تفسـير المنامـات والأحـلام وقـد يسـفاد منـه فـي
هـذا البـاب لكـن لا تصـح نسـبته لمحمـد بـن سـيرين .
فالله أعلـم مـن مؤلفـه .
يعنينـا أن الكتـاب وإن اشـتهر لكـن لا تصـح نسـبته
لمحمـد بـن سـيرين .
فهنـا مـا عُـرف ذلـك إلا مـن الإسـناد .
فصحة النسبة تحتاج إلى صحة الأسانيد
هذا سند الرسالة إلى الإمام أحمد -رحمه الله- فهي من رواية
عبدوس بن مالك أبو محمد العطار سماعًا عن الإمام إمام
السنة أحمد بن حنبل -رحمه الله-
وبذلك تكون هذه الرسالة سندها متصل إلى الإمام أحمد -رحمه الله-
هنا
*************

المقصود بأصول السنة

يَقُولُ أُصُولُ اَلسُّنَّةِ عِنْدَنَا:
اَلتَّمَسُّكُ بِمَا كَانَ عَلَيْهِ أَصْحَابُ رَسُولِ اَللَّهِ r وَاَلْاِقْتِدَاءُ بِهِمْ،
وَتَرْكُ اَلْبِدَعِ، وَكُلُّ بِدْعَةٍ فَهِيَ ضَلَالَةٌ، وَتَرْكُ اَلْخُصُومَاتِ،
وَالْجُلُوسِ مَعَ أَصْحَابِ اَلْأَهْوَاءِ، وَتَرْكُ اَلْمِرَاءِ
وَالْجِدَالِ وَالْخُصُومَاتِ فِي اَلدِّينِ.
وَالسُّنَّةُ عِنْدَنَا آثَارُ رَسُولِ اَللَّهِ r، وَالسُّنَّةُ تُفَسِّرُ اَلْقُرْآنَ، وَهِيَ دَلَائِلُ اَلْقُرْآنِ،
وَلَيْسَ فِي اَلسُّنَّةِ قِيَاسٌ، وَلَا تُضْرَبُ لَهَا اَلْأَمْثَالُ، وَلَا تُدْرَكُ بِالْعُقُولِ
وَلَا اَلْأَهْوَاءِ، إِنَّمَا هُوَ اَلِاتِّبَاعُ وَتَرْكُ اَلْهَوَى.

اَلسُّنَّةِ اَللَّازِمَةِ اَلَّتِي مَنْ تَرَكَ مِنْهَا خَصْلَةً - لَمْ يَقْبَلْهَا وَيُؤْمِنْ بِهَا - لَمْ
يَكُنْ مِنْ أَهْلِهَا اَلْإِيمَانُ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ
الشرح
اَلتَّمَسُّكُ بِمَا كَانَ عَلَيْهِ أَصْحَابُ رَسُولِ اَللَّهِ r وَاَلْاِقْتِدَاءُ
بِهِمْ، وَتَرْكُ اَلْبِدَعِ، وَكُلُّ بِدْعَةٍ فَهِيَ ضَلَالَةٌ، وَتَرْكُ
اَلْخُصُومَاتِ، وَالْجُلُوسِ مَعَ أَصْحَابِ اَلْأَهْوَاءِ، وَتَرْكُ
اَلْمِرَاءِ وَالْجِدَالِ وَالْخُصُومَاتِ فِي اَلدِّينِ.

نعم. هذه أصول السنة يقول الإمام أحمد -رحمه
الله-: أصول السنة عندنا، الأصول جمع أصل،
وهو ما يبنى عليه غيره، الأصول التي تنبني عليها
السنن: التمسك بما كان عليه أصحاب رسول
الله صلى الله عليه وسلم، والاقتداء بهم وترك
البدع. هذه أصول السنة عندنا، يقول الإمام أحمد:
هذه أصول السنة عندنا، يعني نحن معشر أهل
السنة، أصول السنة عند الأئمة والعلماء التمسك
بما كان عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه
وسلم، والاقتداء بهم وترك البدع.


الصحابة رضوان الله عليهم، هم أفضل الناس،
لا كان ولا يكون مثلهم، والصحابة جمع صحابي،
والصحابي هو من لقي النبي صلى الله عليه وسلم
مؤمنًا، ومات على الإسلام، هذا أصح ما قيل في
تعريف الصحابي. من لقي النبي صلى الله
عليه وسلم مؤمنًا ولو لحظة، ثم مات على الإسلام
هذا هو الصحابي، وهذا أولى من قول:
"من رأى النبي صلى الله عليه وسلم" ليشمل
العميان، كعبد الله ابن أم مكتوم، فإنه لقي
النبي صلى الله عليه وسلم، ولكنه لم يره لأنه
أعمى، ولكنه لم يره، فهو صحابي، التعبير بلقي
أولى من التعبير برأى كل من لقي النبي صلى الله
عليه وسلم مؤمنًا، ومات على الإسلام ولو لحظة
فهو صحابي، ويشمل ذلك صغار الصحابة وأطفالهم
الذين حنكهم النبي صلى الله عليه وسلم فهم
صحابة، ولكنهم يتفاوتون؛ يختلفون في الصحبة
يختلفون، كما سيبين المؤلف رحمه الله، فالذي
طالت صحبته أفضل ممن لم تطل صحبته،
والأعراب الذين رأوا النبي صلى الله عليه
وسلم وآمنوا ليسوا كالصحابة الذين لازموا
النبي صلى الله عليه وسلم سنين وأشهر،
فكل له نصيبه كل له حظه من الصحبة لكن
يجمعهم أنهم صحابة.

ومزية الصحبة خاصة بالصحابة لا يلحقهم
من بعدهم من التابعين والأئمة، فصحبة النبي
صلى الله عليه وسلم وسماع كلامه والجهاد معه
هذه مزية خاصة للصحابة لا يلحقهم من بعدهم،
قد يفوق بعض التابعين الصحابة مثلًا في العبادة
ولكنه لا يستطيع أن يصل إلى الصحبة، الصحبة
مزية خاصة، ولهذا لما أراد بعض الناس أن
يقارن بين عمر بن عبد العزيز ومعاوية بن أبي
سفيان. عمر بن عبد العزيز ورع عادل معروف
عدله وورعه، ومعاوية صحابي، قال بعض
أهل العلم: الغبار الذي دخل في أنف معاوية في
جهاده مع النبي صلى الله عليه وسلم يعدل بورع
عمر بن العزيز. عمر بن عبد العزيز له فضله
وله مزيته لكن لا يلحق الصحبة، لا يصل إلى
الصحبة؛ الصحبة مزية خاصة للصحابة لا كان
ولا يكون بعدهم، لا يمكن أن يلحقهم من بعدهم أبدًا.

ولذلك الصحابة عدول لا يبحث عنهم،
المحدثون إذا وصلت إلى الصحابي، الصحابي
عدل كل الصحابة عدول لا تبحث عنهم. أما من
بعدهم لا بد أن يبحث عنهم هل هو عدل أو ليس
بعدل، هل هو ثقة أو ليس بثقة، هل هو ضابط أو
ليس بضابط، كل واحد من رواة الحديث يبحث
عنه يبحث عنه الأئمة من التابعين فمن بعدهم.
أما الصحابة إذا وصل إلى الصحابة فهو صحابي،
والصحابة كلهم عدول لا يبحث عنهم، إذا ثبتت
صحبته فالصحابة كلهم عدول رضي
الله عنهم وأرضاهم.

فالإمام أحمد -رحمه الله- يقول: أصول السنة عندنا،
أصول جمع أصل وهو الذي يبنى عليه غيره؛
من الأصل الجدار يبنى عليه البناء، أصل الشجرة.

والسنة ضدها البدعة، السنة ضدها البدعة،
والبدعة هي الحدث في الدين كما قال النبي
صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح:
البدعة هي الحدث في الدين كل حدث في
الدين فهو بدعة.

والسنة: ما ثبت عن النبي صلى الله عليه
وسلم قولًا أو فعلًا أو تقريرًا هذه هي السنة،
قد تكون السنة واجبة، قد تكون السنة مستحبة،
قد تكون السنة فرض وأصل، فالسنة ما ثبت
عن النبي صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو تقرير.

أصول هذه السنة، أصول الأصول، أصول سنة
الرسول عليه الصلاة والسلام التي هي قوله
وفعله وتقريره، التمسك بما كان عليه أصحاب
رسول الله صلى الله عليه وسلم والاقتداء بهم
وترك البدع، يقول الإمام أحمد -رحمه الله-:
أصول السنة عندنا التمسك بما كان عليه أصحاب
رسول الله صلى الله عليه وسلم والاقتداء بهم،
وترك البدع، البدع هي الحدث في الدين ترك
المحدثات في الدين ترك كل حدث في الدين, والأخذ
والتمسك، التمسك معناه هو لزوم الشيء والتشبث
به وأخذه، وأخذه بقوة وعدم تركه والتهاون به،
التمسك بما كان عليه أصحاب رسول الله صلى
الله عليه وسلم والاقتداء بهم، الاقتداء بهم؛ يعني
أن تحذوا حذوهم، وأن تفعل مثل فعلهم، وأن
تقول مثل قولهم، وأن تعمل مثل عملهم.

وترك البدع جمع بدعة وهي الحدث في الدين،
ترك كل حدث في الدين؛ ولهذا قال:
حديث العرباض بن سارية -رضي الله
وسلم ذات يوم ثم أقبل علينا فوعظنا موعظة
بليغة ذرفت منها العيون، ووجلت منها القلوب
فقال قائل: يا رسول الله كأن هذه موعظة مودع
فأوصنا -وفي لفظ فماذا تعهد إلينا- فقال:
"أوصيكم بتقوى الله " »(3) يعني الزموا تقوى
الله، تقوى الله خشيته وخوفه ومراقبته.


وأصل التقوى توحيد الله وإخلاص الدين
يعني السمع والطاعة لولاة الأمور
عليكم عبد حبشي- فإنه من يعش منكم بعدي
فسيرى اختلافًا كثيرًا، فعليكم بسنتي وسنة
الخلفاء المهديين الراشدين، تمسكوا بها وعضوا
عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور فإن
كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة " »(5)
وهذا حديث صحيح رواه عدد من الأئمة،
رواه الإمام أحمد في مسنده، وابن أبي عاصم
في السنة، وأبو داود والترمذي وابن ماجه،
والحاكم والآجري في الشريعة والطبراني
وغيرهم كما ذكر محقق هذه الرسالة عمرو بن
عبد المنعم سليم.

فالإمام أحمد -رحمه الله- يقول: أصول السنة عندنا
التمسك بما كان عليه أصحاب رسول صلى الله
عليه وسلم، والاقتداء بهم وترك البدع،
ثم قال: وكل بدعة فهي ضلالة.

"وترك الخصومات في الدين" هذا من أصول السنة،
ترك الخصومات في الدين، الخصومات جمع
خصومة، وهي الجدال والنزاع، لا تجادل
ولا تخاصم في الدين ولا تمار، الدين ليس
فيه خصومات، الدين: ما يدين الإنسان به
ربه من العبادات، والعبادات التي يدين بها
الإنسان ربه توقيفية مأخوذة من الكتاب والسنة،
فلا جدال فيها، ما ثبت في الكتاب والسنة من الدين
ومن العبادة فهو دين، فهو دين وعبادة لا خصومة
فيه ولا جدال فيه، ليس هناك خصومات في
الدين، ومن خاصمك وجادلك فإنك ترد هذا
الخصام، أو إذا تخاصم الناس وتنازعوا فإن هذا
النزاع يرد إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله
عليه وسلم؛ لقول الله عز وجل في كتابه العظيم:
إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ﴾(6)

وحينئذ تزول الخصومة، نرد هذه الخصومة
وهذا النزاع إلى الله.

والرد إلى الله هو الرد إلى كتابه، وإلى الرسول عليه
الصلاة والسلام، والرد إلى الرسول عليه الصلاة والسلام رد إليه في حياته، ورد إلى سنته بعد وفاته عليه الصلاة والسلام، وقال تعالى: ﴿ وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ﴾(7)
فلا خصومات في الدين. نعم.


________________


(1) البخاري : الصلح (2697) , ومسلم : الأقضية (1718) ,
وأبو داود : السنة (4606) , وابن ماجه : المقدمة (14) , وأحمد (6/256).
وابن ماجه : المقدمة (45) , وأحمد (3/310) , والدارمي : المقدمة (206).
(3) الترمذي : العلم (2676) , وابن ماجه : المقدمة (44) ,
وأحمد (4/126) , والدارمي : المقدمة (95).
(4) الترمذي : العلم (2676) , وابن ماجه : المقدمة (42) ,
وأحمد (4/126) , والدارمي : المقدمة (95).
(5) الترمذي : العلم (2676) , وابن ماجه : المقدمة (44)
, وأحمد (4/126) , والدارمي : المقدمة (95).

هنا

*****************

وَالسُّنَّةُ عِنْدَنَا آثَارُ رَسُولِ اَللَّهِ r، وَالسُّنَّةُ تُفَسِّرُ اَلْقُرْآنَ، وَهِيَ دَلَائِلُ اَلْقُرْآنِ،
وَلَيْسَ فِي اَلسُّنَّةِ قِيَاسٌ، وَلَا تُضْرَبُ لَهَا اَلْأَمْثَالُ، وَلَا تُدْرَكُ بِالْعُقُولِ
وَلَا اَلْأَهْوَاءِ، إِنَّمَا هُوَ اَلِاتِّبَاعُ وَتَرْكُ اَلْهَوَى
الشرح
نعم. يقول المؤلف -رحمه الله- وهو الإمام أحمد: السنة عندنا آثار رسول الله صلى الله عليه وسلم. آثار رسول الله، والآثار: هي أقواله وأفعاله وتقريراته، ما أثر عنه عليه الصلاة والسلام من قول أو فعل أو تقرير، هذه هي السنة، والسنة -يقول- عندنا آثار رسول الله صلى الله عليه وسلم.
والسنة تفسر القرآن وهي دلائل القرآن، السنة تفسر القرآن وتوضحه، فإذا كان الدليل من القرآن مجمل فالسنة تفصل هذا المجمل، وإذا كان مبهم فالسنة توضحه، وإذا كان عام فالسنة تخصصه؛ فالسنة لها مع القرآن ثلاثة أحوال: السنة لها مع القرآن ثلاثة أحوال: الحالة الأولى: أن تأتي السنة بأحكام تماثل الأحكام التي جاءت في القرآن. فهذا من باب تناصر الأدلة وتضافرها.
فمثلًا: أوجب الله في القرآن الصلاة جاء في القرآن وجوب الصلاة، وجاء في السنة وجوب الصلاة، جاء في القرآن وجوب الزكاة، وجاء في السنة وجوب الزكاة، جاء في القرآن وجوب الصيام؛ صيام رمضان، وجاء في السنة وجوب صيام رمضان، جاء في القرآن وجوب الحج، وجاء في السنة وجوب الحج، جاء في الكتاب بر الوالدين، وجاء في السنة بر الوالدين، جاء في الكتاب صلة الأرحام، وجاء في السنة صلة الأرحام، هذا من باب تضافر الأدلة وتناصرها، فأتت السنة بأحكام مثل الأحكام التي أتت في القرآن.
الحالة الثانية: أن يأتي القرآن بأحكام مجملة، أو أحكام مطلقة، أو أحكام عامة فتأتي السنة بأحكام تبين المجمل، وبأحكام تقيد المطلق، وبأحكام تخصص العام، فتكون السنة مخصصة للعمومات التي جاءت في القرآن؛ تخصص العمومات التي جاءت في القرآن: ﴿ الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ ﴾(1) ﴿ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ ﴾(1) هذا عام، والمراد بهم الكفار، الذين قال لهم الناس المؤمنون، قال لهم الناس الكفار، أو يأتي الحكم في القرآن مجمل فتأتي السنة وتبينه، أو يأتي الحكم في القرآن مطلق، فتأتي السنة فتقيده.
النوع الثالث: أن تأتي السنة بأحكام جديدة ليست في القرآن فيجب العمل بها، يعني يأتي في السنة أحكام جديدة ليست في القرآن مثل: تحريم الجمع بين المرأة وعمتها، وتحريم الجمع بين المرأة وخالتها، هذا حكم ليس في القرآن، لا يجوز للرجل أن يتزوج المرأة وعمتها أو المرأة وخالتها، قال النبي صلى الله عليه وسلم: « لا يجمع بين المرأة وعمتها ولا بين المرأة وخالتها إنكم إذا فعلتم ذلك قطعتم أرحامكم »(2) جاء في السنة تحريم كل ذي ناب من السباع، وتحريم كل ذي مخلب من الطير، هذا ليس في القرآن فيجب العمل به. جاء في السنة العقل الديات « ولا يقتل مسلم بكافر »(3) وهكذا؛ ولهذا قال الإمام -رحمه الله- والسنة تفسر القرآن وهي دلائل القرآن؛ يعني تدل عليه.
"وليس في السنة قياس، ولا تضرب لها الأمثال ولا تدرك بالعقول ولا الأهواء إنما هو الاتباع وترك الهوى" ليس في السنة قياس تقيس شيء على شيء. أما القياس الشرعي القياس الذي مستند إلى النصوص فهذا ليس من الأقيسة العقلية، المراد هنا ما يسمى بالقياس العقلي، أما القياس الشرعي كأن تقيس مثلا: جاء الشرع بتحريم الربا مثلًا في البر، فيأتي الفقيه ويقيس عليه الرز، فيقول الأرز كالبر في جوانب الربا في كل منهما بجامع الطعم، أو بجامع الادخار أو بجامع الكيل والوزن، هذا قياس شرعي، لكن "ليس في السنة قياس" يعني قياس عقلي، السنة ليس فيها قياس، لا يقاس فيها بالعقول.
"ولا تضرب لها الأمثال -ليس في السنة- ولا تدرك بالعقول ولا الأهواء إنما هو الاتباع وترك الهوى".
جاء عن الأوزاعي -رحمه الله- أنه قال: عليك بآثار من سلف وإن رفضك الناس، وإياك وآراء الرجال وإن زخرفوا لك بالقول" هذا رواه الآجري في الشريعة بإسناد صحيح كما قال المحقق..
وقال أبو محمد الحسن بن علي بن خلف البربهاري، إمام أهل السنة والجماعة في عصره قال: واعلم رحمك الله أنه ليس في السنة قياس، ولا تضرب لها الأمثال، ولا تتبع فيها الأهواء، بل هو التصديق بآثار رسول الله صلى الله عليه وسلم بلا كيف ولا شرح، ولا يقال: لم ولا كيف" وسيأتي كلام الإمام أحمد في تفسير: ولا يقال: لم؛ لا يقال: لم يعني في الأفعال؛ لم فعل الله كذا؟ ولا يقال: كيف في الصفات؟ لا يقال: كيفية الصفات كذا، ولا يقال: كيفية صفات الله كذا كيفية الاستواء كذا. لا. لا يقال: كيف. لا يسأل عن الصفات بكيف، ولا يسأل عن الأفعال بلم، لا يقال: لم ولا كيف؛ فالكلام والخصومات والجدال والمراء في الدين محدث؛ لأنه يقدح الشك في القلب؛ لأنه يقدح في القلب؛ فلهذا ينبغي ترك الخصومات والجدال؛ فالسنة ليس فيها قياس عقلي، وليس فيها جدال، ولا تضرب لها الأمثال، ولا تدرك بالعقول والأهواء، إنما هو الاتباع -اتباع الدليل الكتاب والسنة- وترك الهوى -ما يهواه الإنسان ويميل إليه وما يوافق عقله وهواه ومما يبتدع في دين الله. نعم.


(1) سورة آل عمران (سورة رقم: 3)؛ آية رقم:173
(2) البخاري : النكاح (5109) , ومسلم : النكاح (1408) , والترمذي : النكاح (1126) , والنسائي : النكاح (3291) , وأبو داود : النكاح (2066) , وابن ماجه : النكاح (1929) , وأحمد (2/452) , ومالك : النكاح (1129) , والدارمي : النكاح (2179).
(3) البخاري : العلم (111) , والنسائي : القسامة (4744) , وابن ماجه : الديات (2658) , وأحمد (1/79) , والدارمي : الديات (2356).

No comments:

Post a Comment