Monday, 8 August 2011

من آداب الطعــــام .





من آداب الطعام


أخي الصائم:

لعلك تتهيأ أنت وأسرتك هذه اللحظة - قبيل آذان المغرب - لتناول طعام الإفطار بعد عناء يوم ربما أضناك طول نهاره، وأرهقك تأخر غروب شمسه، وكأني بك تتلهف لشربة ماء تروي بها عطشك، وعذق تمر تسكت به جوعك، وأهلك وأولادك وأقاربك من حولك ليسوا بأحسن حال منك، فدعاؤنا لك أولاً: أن يبارك الله لك في مائدتك، ونستسمحك ثانياً: أن نقف معك في لحظات معدودة؛ لنعيش سوياً نحن وإياك مع آداب الطعام التي حثت شريعتنا الغراء على تحقيقها، لتذكر بها نفسك ثم أسرتك من حولك، "فإن الالتزام بهذه الآداب مما يجلب البركة، ويهذب الطباع، ويعلِّم التواضع، ويحقق الشكر لله، ويبعد الشياطين، ويورث محبة الخالق - سبحانه -"[1]، وهذه الآداب منها ما يكون قبل الأكل، ومنها ما يكون أثناءه، ومنها ما يكون بعده، وإليك هذه الآداب:

أولاً: آداب ما قبل الآكل ومنها:

1- النية الصالحة: فينبغي للمسلم أن يستحضر في طعامه نية صالحة مثل أن ينوي بهذا الأكل التقوِّي على طاعة الله، وحفظ الحياة والصحة اللتين بوجودهما تدوم الأعمال الصالحة، وهكذا يصير الأكل في حقه عبادة يثاب عليها، وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: ((إنما الأعمال بالنيات))[2].

2- عدم الإسراف: امتثالاً لأمر الله في كتابه: {وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ}[4].

ثانياً: آداب أثناء الأكل ومنها:

1- الاجتماع وتكثير الأيدي على الطعام: لحديث ((اجتمعوا على طعامكم، واذكروا اسم الله عليه؛ يبارك لكم فيه))[5].

2- انتظار الطعام الساخن حتى يبرد فقد جاء عن أسماء بنت أبي بكر - رضي الله عنها - أنها كانت إذا ثرَّدت غطته شيئاً حتى يذهب فوره، ثم تقول: إني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:((إنه أعظم للبركة))[6].

3- أن لا يعيب الطعام فإن أبا هريرة - رضي الله عنه - يقول: "ما عاب النبي - صلى الله عليه وسلم - طعاماً قط، إن اشتهاه أكله، وإلا تركه"[7].

4- الدعاء عند الإفطار، والمأثور في السنة إذا كان صائماً أن يقول عند فطره: ((ذهب الظمأ, وابتلت العروق, وثبت الأجر إن شاء الله))[8].

5- التسمية أول الطعام، وهذا من أعظم آدابه وأهمها، وقد ورد في التنويه بشأنه قوله - صلى الله عليه وسلم - ((يا غلام: سم الله، وكل بيمنك، وكل مما يليك))[9]، ومن نسي التسمية في أول الطعام، ثم تذكر أثناءه فإنه يقول: بسم الله أوله وآخره[10].

6- الأكل باليد اليمنى: وهذا واجب لقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا أكل أحدكم فليأكل بيمينه))[11].

7- الأكل بثلاث أصابع: وهي الإبهام والسبابة والوسطى، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يأكل بثلاث أصابع، ويلعق يده قبل أن يمسحها"[12].

8- الأكل مما يليه، وهذا من الأدب الرفيع عند الطعام لقوله - صلى الله عليه وسلم - للغلام: ((وكل مما يليك))[13]، لكن يستثنى من ذلك "إِذَا اِخْتَلَفَتْ الْأَنْوَاع؛ فَقَدْ أَبَاحَ ذَلِكَ الْعُلَمَاءُ"[14].

9- الأكل من جوانب القصعة وليس من وسطها؛ لأمره - صلى الله عليه وسلم - ((كلوا في القصعة من جوانبها، ولا تأكلوا من وسطها؛ فإن البركة تنزل في وسطها))[15].

10- ترك الاتكاء أثناء الأكل؛ لما ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((لا آكل وأنا متكئ))[16].

11- عدم الأكل منبطحاً على بطنه، إذ في ذلك مخالفة لهدي النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقد "نهى عن مطعمين: عن الجلوس على مائدة يشرب عليها الخمر، وأن يأكل الرجل وهو منبطح على بطنه"[17].

12- عدم القران بين تمرتين، فقد ورد النهي عن ذلك في قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((من أكل مع قوم من تمر فلا يقرن، فإذا أراد أن يفعل فليستأذنهم؛ فإن أذنوا له فليفعل))[18]، وقد قيل: إن هذا خاص بالتمر فقط، وقيل: إنه عام في جميع الفاكهة؛ وهذا أصح، والله أعلم[19].

13- عدم الإفراط في الأكل لقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((ما ملأ ابن آدم وعاء شراً من بطنه، بحسب ابن آدم أكلات يقمن صلبه...))[20].

14- لعق الصفحة، وذلك بتتبع بقايا الطعام فيها؛ فقد صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قوله: ((وليسلت أحدكم الصفحة، فإنكم لا تدرون في أي طعامكم تكون البركة))[21].

15- لعق الأصابع قبل مسحها أو غسلها؛ التماساً لبركة الطعام، وإحياءاً لسنة النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول أنس بن مالك: كان إذا أكل طعاماً لعق أصابعه الثلاث"[22].

ثالثاً: آداب ما بعد الفراغ من الأكل:

-
شكر الله - تعالى - على نعمته؛ فإنه - صلى الله عليه وسلم - كان إذا أكل أو شرب قال: ((الحمد لله الذي أطعم وسقى، وسوغه، وجعل له مخرجاً))[23]، وقال - صلى الله عليه وسلم -: ((من أكل طعاماً ثم قال: الحمد لله الذي أطعمني هذا الطعام ورزقنيه من غير حول مني ولا قوة؛ غفر له ما تقدم من ذنبه))[24].

-
الدعاء لصاحب الطعام: فقد أكل النبي - صلى الله عليه وسلم - عند بعض أصحابه؛ فلما فرغ دعا لهم فقال: ((أفطر عندكم الصائمون، وأكل طعامكم الأبرار، وصلَّت عليكم الملائكة))[25].

-
عدم إطالة الجلوس بعد الطعام هذا إن أكل الإنسان عند غيره لقوله - تعالى -: {فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانتَشِرُوا}[26].

و ثمة آداب لم نتطرق إليها اتكالاً منا على إدراكك لها؛ إذ هي من الشهرة بمكان تجعلنا نستغني عن إيرادها في هذه المقالة القصيرة، فاجعلها في البال ولا تغفلها.

ختاماً نقول: تناول وجبتك هنيئاً، أطاب الله مطعمك، وتقبَّل الله صومك، ولا تنسَ أمتك من دعوة صالحة صادقة تضرع بها إلى ربك.

أدام الله عافيتك.

[1] موسوعة الآداب الإسلامية (108).

[2]
رواه البخاري برقم (1)، ومسلم برقم (15151).

[4]سورة الأعراف (31).

[5]
رواه أبو داود برقم (3766)، وابن ماجه برقم (3286)، وحسنه الألباني في صحيح وضعيف الجامع الصغير برقم (124).

[6]
رواه أحمد في مسنده برقم (27003)،

حققه الألباني - السلسلة الصحيحة - برقم: 2/262

خلاصة حكم المحدث:
صحيح على شرط مسلم في الشواهد .

[7]
رواه البخاري برقم (3370).

[8] رواه أبو داود في سننه برقم (2359)، وحسنه الألباني في صحيح وضعيف الجامع الصغير برقم (8807).

[9]
رواه البخاري في كتاب الأطعمة باب التسمية على الطعام والأكل باليمين برقم (5061)، ورواه مسلم في كتاب الأشربة باب آداب الطعام والشراب وأحكامها برقم (2022).

[10]
تطريز رياض الصالحين (1/464).

[11]
رواه مسلم في كتاب الأشربة باب آداب الطعام والشراب وأحكامها برقم (2020).

[12]
رواه مسلم برقم (2032).

[13]
سبق تخريجه برقم (9).

[14]
فتح الباري لابن حجر (15/247).

[15]
رواه أحمد في مسنده برقم (2439)، وقال شعيب الأرناؤوط: إسناده حسن.

[16]
رواه البخاري برقم (5084).

[17]
رواه أبو داود برقم (3776)،حققه الألباني - المصدر: السلسلة الصحيحة - الصفحة أو الرقم: 2394خلاصة حكم المحدث: صحيح

[18]
صحيح ابن حبان بتحقيق الأرناؤوط برقم (5232)، : الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 6088

خلاصة حكم المحدث: صحيح


[19]
الفتاوى الحديثية لابن حجر الهيثمي (1/205).

[20]
رواه الترمذي برقم (2380)، وصححه الألباني في صحيح وضعيف الجامع الصغير برقم (10611).

[21]
رواه مسلم برقم (5428)، ومعنى يسلت: يمسح.

[22]
رواه مسلم برقم (5426).

[23]
رواه أبو داود برقم (3853)، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود برقم (3851).

[24]
رواه أبو داود برقم (4025)، وحسنه الألباني في صحيح سنن أبي داود برقم (4023).

[25]
رواه أبو داود برقم (3856)، وابن ماجه برقم (1747)، وصححه الألباني في صحيح وضعيف الجامع الصغير برقم (2017).

[26]
سورة الأحزاب (53).

اللهم اغفر لكاتبها وناقلها,وقارئها واهلهم وذريتهم واحشرهم معا سيد المرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم

اللهم آمين



منــــــقول بتصـــرف يسيـــر




No comments:

Post a Comment